كهل مستعمل للبيع: رسائل عبد مسلم في أمريكا


الشيخ عمر بن سيد عام ١٨٥٠م

عام ١٨٠٧م وصلت إحدى آخر سفن النخاسة قادمة من أفريقيا محملة بالعبيد إلى ميناء تشارلزتن في كارولاينا الجنوبية ، في العام اللاحق لهذا منعت المتاجرة بالبشر على هذا الخط عبر المحيط الأطلسي ، و إن بقيت العبودية ذاتها مسموحة في الولايات المتحدة الأمريكية. لا أخال لخبر التحريم القادم هذا أي تأثير سوى زيادة الوجع على الأجساد المتكدسة في الطابق السفلي من تلك السفينة الكتف حذو الكتف بين النتن و الفئران و بقايا الطعام العفنة التي جاد بها مختطفوهم من على ظهر السفينة بدعوى الإبقاء عليهم في حالة صالحة للبيع لا أكثر.

احترف النخاسون تعذيب المساجين على السفينة كلما أظهروا العصيان ، و ألقوا بكل من بدت عليه بوادر المرض في المحيط دون تردد ، بل و ذكر عن بعضهم جلد سجين ما عشوائيًا كل يوم بلا علة. فالظالم يعرف نفسه ضعيفًا بعدده و عدته ، ولا سبيل له لطمس أعين المظلومين عن تلك الحقيقة إلا بناء حاجز رفيع من الخوف في نفوسهم. بين البقاء مكتفين في رحلة تستغرق بضع شهور على البحر ، و الظروف الملائمة لتفشي الأمراض ، و قلة الطعام ، توفي أكثر من سدس كل من حمل على تلك السفن من الأفارقة ، و لعلهم كانوا أوفر حظًا من رفاقهم ممن أكمل الرحلة إلى نهايتها و نهايته.

رسم توضيحي لتكديس أجساد الأفارقة المختطفين في سفن النخاسين

وصل معهم مكبلًا بالأغلال كغيره رجل في أخر الثلاثينيات ، ضئيل البنية نحيل العود ، تتوقد في عينيه بقايا جذوة نباهة كسرها المحيط الأطلسي. هو الشيخ عمر بن سيد الفولاني السينيغالي ، من مسلمي أفريقيا و أحرارها و أمرائها ، حفظ الله ذكر الشيخ بحفظ سيرة  شخصية له كتبها بالعربية بخط يده و وجدتها في مكتبة الكونغرس في العاصمة الأمريكية. و لولا حفظ الله لأول سطر عرف به الشيخ باسمه لظل في أذهاننا العم موري كما سماه نخاسوه. يستهل الشيخ بالحمد قائلًا:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الإحسان من قدم و الجود و المن و الإجلال و الكرم الحمد لله الذي خلق الخلق لعبادته حتى جرب أفعالهم و أقوالهم.

كتب الشيخ عمر بخط قديم و لهجة محلية تحيل مثلًا ألف المتحدث ياءً و السين شينًا في مواضع ، أجيز لنفسي هنا نقله للفظنا طلبًا لسلاسة المعنى مستعينًا بالله أولًا ثم مزيج من الإجتهاد الشخصي و تفريغ الدكتور عبدالله الحراصي للرسالة و ترجمة المركز الوطني الأمريكي للعلوم الإنسانية لكلام الشيخ إلى الإنجليزية. لخص الشيخ حياته كرسالة فقال:-

من عمر إلى الشيخ حنته ، سألتني أن أكتب عن حياتي لكني عن ذلك عاجز فقد نسيت كثيرا من كلام العرب فلا أفهمه نحويًا إلا قليلًا و لغويًا إلا قليلًا. يا إخوتي ، سألتكم بالله ألا تلومني على زلل كتابتي إذ أن العين ضعيفة ، و الجسد ضعيف كذلك.

مقدمة رسالة الشيخ عمر التي لخصت سيرة حياته

اسمي عمر بن سيد ، مكان مولدي فوت توريت بين النهرين. طلبت العلم عند شيخ يسمى محمد سيد و هو أخي ، و عند الشيخ سليمان كمبه و الشيخ جبريل عبدل. ظللت في طلب العلم خمسة و عشرين عامًا ، ثم جاء إلى بلدنا جيش كبير قتل أناسًا كثيرين و ساقوني مشيًا إلى البحر حيث باعوني إلى يد رجل نصراني أخذني على سفينة كبيرة إلى البحر الكبير.

مشينا في البحر الكبير شهرًا و نصف الشهر حتى جاء مكان يسمى تشارلزتن في لغة النصارى. و هناك باعوني و اشتراني رجل صغير ضعيف يسمى جونسن ، هو كافر جدًا لا يخاف الله شيئا ، و أنا رجل صغير ضعيف البنية لا أستطيع أن أعمل عملًا شديدًا.

أمضى الشيخ عمر في أسر جونسن ذاك سنتين و عليهن ذاق فيهما الأهوال ، و إن كان هنا لم يذكر ما قاساه على يديه إلا أن تاريخ العبودية و أهوالها في تلك الحقبة معروف. و قد تحدث الشيخ عن آسر أخر له فخصص أنه “لا يضربني و لا يعريني و لا يجعلني أنام بدون طعام و لا يكلفني العمل الشاق” ، و في هذا التخصيص سرد لما لاقاه الشيخ.

بعد سنتين في الأسر سنحت الفرصة للشيخ فهرب من مزرعة جونسن على غير هدى ، و استمر في المشي ليلًا و الإختباء نهارًا و اقتناص ما جادت به الأرض من فتات شهرًا كاملًا قضاه في العراء حتى قطع كارولاينا الجنوبية كاملة و وصل إلى الشمالية. يكمل الشيخ:

خفت أن أبقى عند رجل سيء كثير الذنوب كهذا فهربت إلى الصحراء ، مشيت فيها حتى وصلت إلى مكان يسمى فيدل و وجدت بيوتًا في الصحراء دخلت أحدها كي أصلي. هناك رآني صبية يركبون الخيل فدعو إلى المكان أباهم و أخبروه أنهم رأو رجلًا أسودًا في أحد البيوت. جاء هو مع رجل أخر يسمى هنده ، حاوطاني على خيولهم مع كلاب كثير ، ثم ساقاني خلفهما اثنا عشر ميلًا إلى بيت كبير لم أستطع الخروج منه يسمى جيل (سجن) في الكلام النصراني ، بقيت فيه ست عشر يوم و ليلة.

حاول مأمور البلدة التحقق من هوية عمر بن سيد لإعادته إلى من حيث هرب و لكنه فشل في ذاك فرمي الشيخ الجليل الأربعيني في السجن وحيدًا كل تلك المدة. و في وحدته و أصفاده كتب على الجدران بالعربية بما وجد حوله من فحم و أوساخ. خلال تلك الحقبة كانت الأمية مفروضة بلفظ القانون على كل العبيد ، و يعاقب من كتب منهم بالإنجليزية بالجلد المرة الأولى و قطع الأصابع إن عاود الكرة. إلا أن الله حفظ ابن سيد بأن أعمى سجانيه عن كون نقوشه حروفًا عربية ، فصار خلال إقامته الإجبارية مزارًا يتسلى صبية المدينة بمشاهدته و مشاهدة نقوشه العجيبة.

مخطوطات الشيخ عادى تضمنت العديد من الروائع الهندسية التي خلبت ألباب القراء و دفعت بعض التاريخيين للظن بمعرفته بعلم الرياضيات

طارت بخبر عمر الركبان حتى وصلت إلى مسامع قارئ نهم يسمى جيمس أوين ، أخو محافظ كارولاينا الشمالية المستقبلي جون أوين ، فقرر جيمس أن عمر سيكون الإضافة المثلى إلى مكتبته العالمية  و أرسل في طلبه.

في يوم الجمعة جاء إلى البيت الكبير رجل و فتح باب البيت ليكشف وراءه رجالًا كثر كلهم من النصارى ناداني أحدهم “هل اسمك عمر ، هل اسمك سيد ، و لكني لا أفهم كلام النصارى. رأيت رجلًا يسمى بوب ممفورد قال لي “اخرج من البيت الكبير” ففرحت بهذا كثيرًا. مشيت مع ممفورد إلى بيته و بقيت فيه أربع ليال و نهار حتى جاءه رجل يدعى جيمس أوين هو زوج ابنة ممفورد. سألني جيمس عما إن كنت مستعدًا للمشي إلى مكان يسمى بليدن فقلت نعم رضيت ، و أتيت إلى منزل جيمس أوين. سألني رجل أخر قبل جيمس “هل ترضى أن تمشي إلى مكان اسمه تشارلزتن” فقلت لا لا لا لا لا لا لا لن أعود إلى تشارلزتن ، و انتهيت في يد جيمس أوين.

انتقل الشيخ رحمه الله إلى منزل جيمس أوين و أخيه جون أوين ، و عاش هناك حتى توفته المنية. كتب رسالته هذه بعد أكثر من عشرين سنة من شراء جيمس له ، و رغم هذا فذكرى عذابه السابق في تشارلزتون ما زالت مخيمة عليه تراها في خط يده و تلاحم سطوره اللذان تكسرا على ذكرى المدينة و عبوديته فيها ليصرخ قلمه بأصابع مرتجفة خاطًا “لا” سبع مرات مرتعشة.

ذعر الشيخ واضح في رفضه حتى بعد عقود من الحدث

عامل جيمس عمر في منزله كتحفة من تحف مكتبته ، يبقيها في الحفظ و الصون ليعرضها و يعرض كتابتها على رفاقه من حين لأخر ، و إن لم يذكر عنه إغداق نفس المعاملة على بقية العبيد في مزرعته. إلا أن الفرق الشاسع بين حياته هنا و حياته عند جونسن (الصغير الضعيف الكافر جدًا) علق في بال الشيخ عمر.

يا أهل كارولاينا الشمالية ، يا أهل كارولاينا الجنوبية ، يا أهل أمريكا كلهم! هل فيكم رجلان صالحان مثل جيمس أوين و جون أوين؟ هذان رجلان صالحان آكل عندهما مما يأكلون و يلبساني مما يلبسون. أراه دائمًا مع إخوته يقرأ من الإنجيل و يقول اللهم ربنا و خالقنا و مالكنا و مصلح أحوالنا حالًا و مالًا ، فضلًا لا وجوبًا ، بقدرتك افتح قلبي إلى سبيل الهدى ، إلى سبيل يسوع المسيح و إلى نور عظيم.

حينما نقل عمر إلى بيت أوين لم يكن يتحدث الإنجليزية ، و اجتهد أوين في تعليمها له حتى وفر له نسخة من القرآن مترجمة بالإنجليزية رجاء أن تكون فاتحة لتعلمها. و لكن جيمس ، بعد القرآن الإنجليزي ، أهدى للشيخ نسخة عربية من الإنجيل محفوظة إلى اليوم بجانب رسالة الشيخ هذه في مكتبة الكونغرس الأمريكية ، و لم يأل جيمس بعدها جهدًا في دعوة ابن سيد إلى النصرانية.

الغلاف الخارجي للإنجيل العربي الذي أهداه أوين إلى الشيخ عمر

الجينيرال جيمس أوين و زوجته يقرئان الإنجيل ، و يقرئانني الإنجيل كثيرًا فيقولان: الله ربنا ، خالقنا و مالكنا و مصلح أحوالنا حالًا و مالًا ، فضلًا لا وجوبًا ، بقدرتك افتح قلبي إلى الإنجيل ، إلى سبيل الهدى ، الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا يوافي من النعم ما تزايد من الخير.

و تحت طرقات جيمس المتكررة فُل الحديد بعد عشر سنين من الطرق ، و أعلن الشيخ عمر بن سيد تنصره في شتاء عام ١٨٢٠م.

قبل مجيئي إلى بلد النصارى هذا كان ديني دين محمد صلى الله عليه و سلم. أمشي إلى المسجد قبل طلوع الفجر فأغسل وجهي و رأسي و يدي و قدمي و أصلي مثلها وقت الظهر و وقت العصر و وقت المغرب و وقت العشاء. كنت حينها أعطي زكاتي كل سنة لما عندي من الذهب و الفضة و الأنعام و القمح و الشعير ، أزكيها جميعًا.

الشيخ عمر بن سيد عام ١٨٥٥م

كنت أصلي فأقول الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، إياك نعبد و إياك نستعين ، اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين.

و الآن أصلي فأقول ربنا يسوع المسيح ، يا أبانا الذي في السماوات ، تقدس اسمك و تعالى ملكوتك ، ارزقني خبزي في الغد و طعامي اليوم و اغفر لنا ما علينا و ما كنا عليه.

و يتوقف بعد هذا كله محاولًا تذكر حياته في أيام أقل تعقيدًا من هذه ، بين أهله و أصحابه قبل أغلال السجون و سياط النخاسين. إلا أن الذاكرة لا تسعفه فالعين ، كما قال ، ضعيفة و الجسد كذلك. و لا يجود الفكر من ذكر أهال خلفهم وراءه يجهل مصيرهم إلا بضع سطور.

كان لأبي ستة أولاد و خمسة بنات ، و لأمي ثلاث أولاد و بنت واحدة. و كنتا يوم تركت بلادي سبع و ثلاثين سنة أقمت بعدها في البلد النصراني أربع و عشرين سنة حتى اليوم ، سنة واحد ألف مع ثمانين مائة و واحد مع ثلاثين سنة.

لوحة معاصرة في إحدى شوارع كارولاينا الشمالية تحكي قصة الشيخ

إلا أن كل من عاصر الشيخ عمر أو حقق سيرته من المؤرخين شكك في صحة تنصره مرجحين كونه نوعًا من اتقاء الشر و طلب الأمان. و لي في زعمي هكذا أكثر من حظ النفوس و حديث الهوى ، أعيركم شيئًا منه. ضل الشيخ عمر بعد انتقاله إلى سجن بيت أوين الكبير كما كان في سجنه الأصغر مزارًا و فرجة للعالم ، و كثر أن يطلب منه الزوار كتابة أسمائهم أو شيئًا من الأدعية الإنجيلية بالعربية خصوصًا بعد إعلانه اعتناق النصرانية. نجى من بعض هذه الكتابات بطاقة كتب صاحبها على ظهرها أنها آية دعوة الرب الإنجيلية كتبها له الشيخ عمر بالعربية إثر طلبها ، أما على وجهها فكتب:

إذا جاء النصرمن الله و فتح قريب و بشر المؤمنين و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره ، إنه كان توابا.

واصل الشيخ الحذق دس الأيات القرآنية كلما طلب منه ترجمة مقاطع من الإنجيل ، و امتلأ إنجيله العربي بأيات قرآنية و صلوات محمدية بينما خلى قرآنه الإنجليزي من حواش مماثلة. و كما هو واضح ، اختلطت فيها بعض الأيات و الأحاديث و الأدعية في ذاكرة الشيخ التي لم تبصر مصحفًا عربيًا منذ عقود ، و إن ضلت نيته واضحة. و لما عرضت عليه فرصة العودة إلى دياره في أفريقيا شريطة العودة مبشرًا مسيحيًا رفض مفضلًا البقاء في أغلال العبودية و ديار الغربة على هذا.

سورة العصر بخط الشيخ على بطاقة عنونها صاحبها بـ”آية دعوة الرب بالعربية”

قبل البدء برسالته و توجيهها أورد الشيخ صفحات أربع كمقدمة و غلاف لرسالته ، لاحظَت إحدى باحثات الكونغرس اختلاف حبرها و نوع القلم فيها ، مرجحة أن الشيخ صنع بيده خصيصًا لتلك الأوراق قلمًا من قصب و حبرًا أحمرًا مطابقين لما يستعمله طلبة الكتاتيب و الحلقات في بلاده أثناء نسخ القرآن. أراه بعين الخيال يجاهد لافتتاح رسالته ، و لإنعاش ذاكرته عن عالم نساه حتى صار ضربًا من الخيال. فيكون حله الأنجع أن يعمد إلى قطعة من القصب يشحذ منها قلمًا كالذي كان يحمله في دروس الشيخ سلمان ، و الشيخ جبريل ، و دروس أخيه الشيخ محمد سيد خلال خمسة و عشرين سنة من التعلم ، و يبدأ الكتابة بخير ما كتب أن “بسم الله الرحمن الرحيم”.

تتدفق بعدها الذكريات إلى باله تدفق الحبر إلى الورق ، فيكون أول ما يذكره أن الملكوت بيد الله لا بيد جيمس ولا جونسن ، و أنه تعالى على نصره لقدير ، و لكنما الدنيا دار بلاء و أرض عمل ، و له إن خشي ربه جنة و أجر كبير ، و الذين اقترفوا به ذنبهم هم أصحاب السعير. و حين يتوقف قلمه ، و ينضب مداده ، يتبقى في ذهن الشيخ يقين واحد أن معاناة السنين و إن محت شيئًا من ماضيه و القرآن من باله ، إلا أنها في كتاب العليم منذ خلق السماوات و حتى ينفخ في الصور. و حين يفرغ ، يكون الشيخ قد جعل سورة الملك خير مقدمة لحياته فكتب:

سورة الملك بخط الشيخ عمر بن سيد كخير مقدمة لسيرة حياته

بسم الله الرحمن الرحيم ، صلى الله على سيدنا محمد. تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فتور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم قل إنما العلم عند الله قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين.

توفي الشيخ المسلم عمر بن سيد الفولاني السينيغالي عام ١٨٦٤م مملوكًا في مزرعة عائلة أوين و دفن في ممتلكاتهم ، راحلًا قبل عام من إنتهاء الحرب الأهلية الأمريكية و تحرير العبيد في أنحاء أمريكا رسميًا. و إن كان لم ينل حريته في هذه الدنيا إلا أنا نحسب روحه طليقة الجنان ، فرحم الله الشيخ ابن سيد ما خط الكتاتيب في السينيغال ، و رحمه عدد السياط و الأصفاد و الأغلال ، و أيام الجوع و العري و الإبحار و الأسمال ، و تقبل روحه و ردها إليه خير المآل.

4 أفكار على ”كهل مستعمل للبيع: رسائل عبد مسلم في أمريكا

  1. شكراً على هذه اللفتة الإنسانية.. وتسليط الضوء على التاريخ الأسود.
    فالقصة كتبت بحبر دمه، لتُقرأ بدمع إنسانيّتنا..
    رحمه الله، ورحمنا الله،علّنا نصحو ونناضل بالدين واللغة والهويّة.

    إعجاب

  2. قصة جميلة مؤثرة..
    أتساءل كم من المسلمين في أفريقيا تم بيعهم عبيدا في أمريكا؟
    وهل يعلم الأمريكيون السود أن أجدادهم مسلمين؟

    ولقد قرأت قبل فترة عن تقاليد عربية إسلامية في امريكا الجنوبية، ولما تتبع المؤرخون نشأتها وجدوا أنها من قدمت مع المورسيكين المسلمين في الأندلس الذين جاءوا إلى أمريكا الجنوبية مع البحارة الاسبان عمالا على متن السفن وذلك بعد سقوط غرناطة.

    إعجاب

أضف تعليق