بسم الله الحفيظ المنان إلى تنزانيا.

الحقيقة أن كل ما أقوم به من ترحال هو محاولة مطولة لتعلم كل ما فشلت في تعلمه من جغرافيا خلال سنين دراستي. فكل ما علق بذهني عن تنزانيا أن عاصمتها هي دار السلام. و ليس هذا لفلاحة مني لا قدر الله و لكن لأن أحد فواصل قناة المجد للأطفال كانت كثيراً ما تدندن سائلة عن “دولة إسلامية عاصمتها دار السلام” كفاصل بين برامجهم المعتادة. أما عن تحديد موقعها على الخريطة فألف ولا حرج ، يكفيك معرفة أني كنت أضن هندوراس مدينة في الهند حتى المرحلة الثانوية ، و لم ألاحظ الفرق بين مومباي و بومباي حتى وقت قريب.
إلا أن حلقات مسلسل الليث الأبيض طفلاً تركت في ذكريات مبهمة عن جبل أبيض شاهق الإرتفاع في قلب أفريقيا ، “جبل القمر” المكسو بالثلوج و الذي كاد يكلف الليث الأبيض و شبله ورد حياتهما عندما قادا بعثة إستكشافية إلى قمته بحثاً عن حجارة الجبل التي “تحتوي على طاقة هائلة ، أقوى من الطاقة الذرية. فإذا استخرجنا تلك الصخور ، يمكن للإنسان ، و الحيوان ، أن يعيشوا عيشة أفضل باستعمال طاقة هذه الصخور!” تعلمت بعدها شيئين اثنين ، أولهما أن لفظ “جبل القمر” ورد في عدة مخطوطات قديمة تصف منبع النيل ، و لا يعرف يومنا هذا إن كانت تعني كليمنجارو فعلاً (الأعلى مما وصف جبل القمر في مسلسل الليث الأبيض) أو إحدى جبال أوغاندا. و الثاني أن أفلام الكرتون في طفولتي كانت أغرب مما أتذكر.

أبعد ذكرياتي مع كليمنجارو هي أحد أعداد سلسلة سافاري ، للدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله و طيب ثراه ، عندما أرسلت وحدة سافاري الطبية الدكتور علاء عبدالعظيم لتسلقه بحثاً عن البولندي المخبول “إرنست كومارسكي” على هضبة “كيبو”. تردد علاء في قبول الطلب حتى أستشار زوجته برنادت التي قابلت الطلب بحماس غير مسبوق. بالطبع أعترض علاء قائلاً أن أي زوجة تحترم نفسها ستملئ الفضاء نواحاً و الأراضي صياحاً خوفا على زوجها إن اعتزم تسلق سطح بيتهم ، فما بالك بأعلى قمم أفريقيا؟ و كان رد برنادت (بتصرف): “إنه من أسهل الجبال تسلقاً .. هو ليس (إفريست) على الإطلاق ، و كل الكتب تقول هذا .. ثق أنه لولا ظروف الحمل لتمنيت أن ألحق بك في هذه المغامرة الفريدة .. و لو كنت سمعت عنه ما يخيف لطالبتك بالبقاء معي. علاء يا بني ، إن العمر يمضي .. و غداً ستقول لنفسك ليتني تسلقت الجبل حين كان هذا بوسعي .. ليتني غطست تحت المحيط حين كان هذا بمقدوري .. ليتني قفزت بالمظلة من طائرة حين كان قلبي يتحمل .. ليتني قابلت هذا الطبيب غريب الأطوار الذي يعيش وحده في الجبل و لم نسمع عنه قط ..” “الحق” ، يقول علاء ، “أن كلامها لم يبدو خالياً من المنطق .. ثم إن روح المخاطرة بداخلي حبيسة تطالب بحقها في الانطلاق .. في الركض بين الحقول .. في ملاحقة التياتل و الفهود .. أي شيء سيكون أفضل من عنبر (الغرغرينا) ..” و الحقيقة أن أغلب أفعالي تأتي نتيجة أسباب قريبة من “استخسار” علاء ، ورغم أني لم أكن (كما كان علاء) تحت تهديد تحويل مناوبتي إلى عنبر الغرغرينا إلا أن إمضاء إسبوع أخر مع الأعمال المكتبية لم يبد شديد الاختلاف عن الإصابة بالغرغرينا.

هكذا انتهى بي المطاف في مطار كليمنجارو الدولي في تنزانيا ، بعتاد رجيت الله أن يكون كافياً لمقاومة كل ما سمعته عن برودة كليمنجارو. صحيح أن تنزانيا دولة إستوائية لا يزورها الشتاء بتاتاً ، و إنما يتناوب عليها فصلان أحدهما ماطر و الأخر جاف بلا فرق يذكر في درجة الحرارة. إلا أن إرتفاع جبل كليمنجارو المهول يعطيه مناخاً مختلفاً ، متجمد طوال العام كثلاجة في أنتارتيكا. و لما كان محسوبكم كائناً صحراوياً عجز – رغم المحاولة – عن التعود على مواجهة البرودة بدون “الفروة” و “الحنيني” و “السمر” ، كانت حقيبتي محشوة بثلاثة من كل رداء شتوي ممكن. حتى يغدو مظهري بكامل عتادي مزيجاً من رواد الفضاء و سائقي سيارات السباق ببزاتهم المحشوة بشعارات الشركات الممولة لهم. صحيح أن كل من تحدث إلى علاء أصر على أن كليمنجارو “ليس تحدياً للرجولة يستحق أن ترد عليه .. ” و أن “التحدي الحقيقي لرجولتك هي (الهيمالايا) ..” إلا أن ذكرى مرض المرتفعات و برد الليالي على جبال بيرو لا تزال حاضرة ببالي ، و لم أكن أبغي أن أعيشها من جديد.

دليلنا رجب شاب في أوائل الثلاثين من عمره ، أسمر البشرة ، يكنى بأبي شريم بعد أن سمى ابنه تيمناً بالشيخ ، و يصر على أنني “فتى أبيض” بإصرار لا أرى فيه إلا محاولة متعمدة للإهانة. و لكن طيبة قلبه وذرابة لسانه تكفيان لإقناعي بتجاهل هذا السباب الصريح و عدم الشجار معه ، أو لعل غريزة البقاء هي ما يردني عن العبث معه. يعمل رجب كدليل يقود الناس إلى جبل قمة كليمنجارو منذ نعومة أضافره ، و هي نعومة فقدها لظروف وظيفته منذ زمن بعيد حتى صار قادراً على حك يديه ببعضها لإشعال النار. و أجزم أن زوجته تحد سكاكين المطبخ على راحة يده. تسلق الجبل مائة و ستة و ثلاثين مرة بالتمام ، و بما أن كل رحلة إلى قمة أوهورو تستغرق حوالي الأسبوع يكون رجب أمضى ما يقارب الثلاث سنين من عمره على أراضي الجبل. و خلال هذه السنين حمل ما يقارب الخمسة أطنان من و إلى الجبل ، بين خيام و طعام و أمتعة و سائح أو اثنان بعد أن عجزت أقدامهم عن حملهم. أعلمت الآن لما حرمت علي غريزة البقاء الاقتراب منه؟

مساعده محمد ، أو مودي كما يقدم نفسه للسياح الغربين ، أقل منه خبرة ، و أضنه تسلق الجبل أقل من عشرين مرة إن لم تخني الذاكرة. و لكنه لا يقل عنه جلداً ، و حديث عهد بالعمل كحمال لذا يحشر كل ما تقع عليه عيناه في حقيبته حتى تتضخم لحجم تعجز جميع قوانين الفيزياء عن تفسير كيف يتحملها عوده النحيل. لديه مخزون لا ينضب من عبارات التشجيع الجوفاء من قبيل “أنت أكبر من الجبل” اكتشفت فيما بعد أنه تعلمها من مشاهدة الأفلام الرياضية الأمريكية استعداداً لعمله مع من يتحدث الإنجليزية. إلا أنه سريعاً ما يتخطى حاجز التكلف إلى الميانة و يتحول من عبارات التشجيع إلى الترقيع ما إن يتعرف عليك.
أحد أكثر المشاكل تكرراً أثناء السفر بغض النظر عن وجهتك هو حاجز اللغة. قد تستطيع أحياناً تخمين المعنى من السياق ، و أحياناً أخرى تقف مشدوه الفاه بدون أي فكرة عن الفكرة التي حاول محدثك إيصالها فاصدمت بالحاجز اللغوي و تحطمت إلى ألف قطعة. كحين استوقفني رجل في أحد شوارع موشي ليقول بلهجة من يحاول شرح أبسط الأمور لطفله: “في تانزانيا ، تكتشف أحياناً أنك متزوج منذ عدة سنين!”. قد يفيدك عدم أخذ الأمور بشكل حرفي ، فكثير من سوء التفاهم ينجم عن محاولة ترجمة أمثال من لغة محدثك الأم ، و لكن أشد المطارق وقعاً على حجارة الحاجز اللغوي، و أنجع أسلحتك ضده ، هي التسليك. سلك بشدة ، سلك بقوة ، سلك بعنف ، سلك و كأن حياتك على المحك ، و كأن المدرس ألقى نكتة سامجة في الفصل ، و سلك كما لم تفعل في أي إجتماع عائلي من قبل. سلك بنفس السرعة التي تجيب بها الحلاق حين يسألك عن رأيك بالجريمة الإنسانية التي ألحقها بشعرك ، و بنفس زيف ردك على غريب طلبت منه التقاط صورتك في الشارع حين يسأل “ما رأيك ، أتريد صورة أخرى؟” و عندها ، فقط عندها ، قد تسلك أمورك.

و لكن رغم كل هذا التسليك ، أو بسببه ، ستقع في كثير من المصائب. كحين جمعنا رجب في اليوم الثاني من رحلتنا بعد منتصف الليل ليشرح أن علينا اختيار أحد مسارين للثلاث أيام القادمة. و بعد ساعات من الشرح تحت ضوء الجوالات – في دائرة يحاول كل منا احتلال مركزها طلباً للدفء – رفعنا الأعلام البيضاء و رمينا القفازات معلنين استسلام عقولنا البائسة.
“رجب ، استهدي بالله يا شيخنا!”
“لا إله إلا الله.”
“دعني أعيد عليك ما فهمته ، ما فهمناه. أمامنا طريقان يوصلان لنفس الوجهة حيث سنمضي ليلتنا الرابعة ، صحيح؟”
“نعم…”
“أحدهما أطول و أصعب ، و أقل جمالاً ، و معرض أكثر للرياح ، و لكن في أخره… بحيرة؟”
“نعم؟”
“و هي بحيرة وصفتها بنفسك بالقبح و النتن. قل لي بربك لم قد نختار هذا الطريق؟!!”
“نعم!” “…..”
“….!؟”
“عزيزي رجب ، أنا أستسلم. قدنا حيث شئت و لو إلى حتفنا فهذه المحادثة تجرني إليه على كل حال.”
ما أن تتخطى حاجز منتصف كليمنجارو تلاحظ أن له أكثر من قمة. لتبسيط الأمر ، تصور أن قمة كليمنجارو سهل منبسط فوقه ثلاث جبال أخرى ، هي “كيبو” و “ماونزي” و “شيرا”. و المسافة بين هذه القمم الثلاثة صحراء يبلغ قطرها حوالي الخمس عشر كليومتراً ، تذكر أن مساحة كليمنجارو ذاته تضاهي الأربعين كيلومتراً و لذا فالمسافات فيه – حتى قرب القمة – توزع بسخاء يفوق خلفاء قصص العرب و صررهم الذهبية التي يرشق بها شعراء البلاط.

و القمم الثلاثة كلها براكين خامدة ، أعلاها كيبو ، فماونزي ، ثم شيرا المنسية. يقال أن كيبو و ماونزي كانا جارين (أو أخوين) ، و احتاج ماونزي لقبس من نار كيبو ذات ليلة فلبى ذاك الأخير طلبه بسعادة. ثم في طريق عودته إلى منزلة قرر ماونزي أن يسقط الشعلة التي أعطاه كيبو و يعود إليه طالباً المزيد من باب الدعابة. و فعلاً ، أعطاه كيبو المزيد على مضض ، ثم مرة أخرى بنفاذ صبر عندما أعاد ماونزي الكرة. ثم طفح الكيل و جن جنون كيبو عندما كرر ماونزي ، و الذي يتمتع بحس فكاهي عال كما ترى ، نفس المقلب عدة مرات على التوالي فانقض عليه و أشبعه ضرباً كسر عظامه حتى اكتسب منها اسمه “ماونزي” أي الكسير الجريح. لهذا عندما تقارن بين قمتي كيبو و ماونزي على كليمنجارو ترا كيبو متناسقة الأطراف ناعمة الحواف ، بينما قمة ماونزي صخرية عسيرة التضاريس و كأن عدة ضربات ساحقة أعملت فيها.

قبل تسلقنا لقمة كيبو بليلتين بتنا في مخيم ماوينزي ، و أبلغنا رجب أنا سنتسلق ماوينزي تلك الليلة. سألته عما يعني و إن كنا فعلاً سنصل إلى قمة ماوينزي الليلة فأطلق ضحكاته التهكمية الشهيرة. لا تدع حلول ماوينزي في المركز الثاني في الإرتفاع بين قمم كليمنجارو يخدعك ، فهي الأصعب تسلقاً بينهم. و لم ينجح أحد بتسلقه إلا بعد بعد ربع قرن من أول تسلق ناجح لقمة أوهورو على كيبو.
و الدرس هنا أن قياس صعوبة تسلق جبل بارتفاعه خطأ شائع ، و يكفي دليلاً على هذا أن عدد من تسلق أعلى قمم العالم ، و هي إيفيرست ، أكبر بثلاثة عشر مرة من عدد متسلقي ثاني أكبر قمة في العالم ، و هي K2. و بهذا يكون تسلق الجبال أشبه بحل الألغاز أو ترويض الخيول ، فيتطلب حل اللغز و كبح جماح الجبل عبقرية و مهارة فذة (و شيئاً من الحظ) لا تظهر إلا مرة كل جيل. و لكن ما إن يكتشف سعد أو حسام مساراً إلى القمة يتمكن من هو أقل مهارة منهما بعدة قرون إتباع نفس المسار إلى القمة بسهولة نسبية. و لهذا تسمى الكثير من المسارات أو التكوينات الجبلية باسماء مكتشفيها.
تاريخ كثير من الدول الأفريقية المعاصرة سلسلة من الإستعمارات و الثورات المتعاقبة ، و لا تشذ تنزازيا عن هذه القاعدة. فحتى أواخر الحرب العالمية الثانية لم يكن للفظ”تنزانيا” أي وجود على الخارطة أو في كتب التاريخ. و كان محلها دولة “تنغانيكيا” تحت استعمار ألمانيا ، و مجموعة جزر زنجبار تحت حكم السلطنة العمانية شاسعة الأطراف آن ذاك.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، و هزيمة ألمانيا النكراء ، اجتمعت الدول الأوروبية لتقرر مصير المستعمرات الألمانية في أفريقيا. و لا أعني بهذا (حاشى لله) تحريرها و إنما توزيع مستعمراتهم على بقية المستعمرين. و هكذا تحولت تنغانيكا إلى مستعمرة بريطانية و استمرت الحياة و كأن شيئاً لم يكن لها و لزنجبار التي ما زالت تحت قبضة العمانيين و إن نازعتهم بريطانيا عليها مرتين في الأسبوع من باب حفظ السمعة لا أكثر.

و كان هذا الوضع حتى بدأ غروب عصر الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس ، و بدأت المستعمرات البريطانية بالتحرر من قبضتها الواحدة تلو الأخرى كأحجار الدومينو. في نفس العام ، تحررت تنغانيكا من البريطانيين و زنجبار من السلطنة العمانية ، و قررت الدولتان دمج أراضيهيما ليكون بذاك ميلاد “تنزانيا” كمزيج بين اسمي تنغانيكا و زنجبار.
ذاك اليوم ، يوم الاستقلال عن بريطانيا ، انطلق مجند تنغانيكي إلى قمة جبل كليمنجارو ليغرس فوقها علم بلاده معلناً التحرير و مغيراً اسم القمة من “القمة الإشتراكية” إلى “قمة أوهورو” ، أو “قمة الحرية” باللغة السواحيلية.

لوحة قمة أوهورو ، كليمنجارو ، الأول من يناير عام 2018
⭐️⭐️⭐️⚫️⚫️
قررت زيارة هذه اللوحة بعد سماع الكثير عن “أعلى جبال أفريقيا” و “لؤلؤة تنزانيا” و رؤية العديد من صور المشاهير معها و ما إلى ذلك. موقع اللوحة يحتاج إلى تغيير ، فأقرب موقف للسيارات على بعد أربعين كيلومتراً. ولا أضنهم اختاروا هذا الموقع إلا لغلاء الإيجار في الأحياء المجاورة. قد يلاقي الموقع إقبالاً أكبرر من الزبائن لو اهتموا بواجهة المحل بشكل أكبر ، فالوصول إليها تطلب الكثير من العناء و تسلق أطنان من الحجارة و الصخور تتجاهل البلدية وجودها منذ زمن بعيد ، و قد تكون نتيجة حفريات في البركان الخامد المجاور لهم. وجدت شخصياً أن أسهل طريق للوصول إليه هو الانعطاف عند مخيم كيبو و شق طريقك نحو ممر غيلمان ، مخيم كيبو نفسه مكان لا بأس لتناول طعام العشاء ، و مجهز براديو و جهاز لاسلكي للإتصال مع موقف السيارات القريب إن احتجت للتطمأن على سيارتك. يمكنك مشاهدة تقييمي لمخيم كيبو على صفحتهم هنا. إن قررت أخذت نصيحتي فيمكنك الاتجاه إلى الممر حوالي منتصف الليل لتلافي إزدحام الطريق.
عاني المكان من مشكلة في التكييف عند زيارتي ، أدت إلى انخفاض درجة الحرارة إلى تحت الصفر ، و تجمد الماء في قارورتي ، كما أفقدتني جزءاً من شفتي جراء قضمة صقيع بسيطة. حُلت المشكلة في الظهر بعد أن أبديت امتعاضي لملاك المكان ، و لكنهم رفضوا تماماً تعويضي عما فقدته من الماء أو الشفاه. و عندما هبت عاصفة ثلجية في بادئ العصر لم يملك المحل أي وسيلة حماية ليقدمها لنا. أهكذا تعاملون زبائنكم؟! بالمناسبة ، أعرف أن إرتفاع المحل جزء من جوه الخاص و التجربة التي يقدمها لجماهيره في محاولة لإعطاء منظر بانورامي على المشهد ، و لكن الإرتفاع الذي استقروا عليه ، ستة كيلومترات ، مبالغ فيه! نصف هذا الإرتفاع كان كفيلاً بإضفاء نفس المحاسن مع تلافي مشكلة نقص الأكسجين التي أفقدتني لياقتي و شهيتي و كادت تفقدني الوعي. مشكلة أخرى يعاني منها المكان هو كثرة الحيوانات حوله ، من الصعب أن أستمتع بوجبتي على الطريق و حشد من الغربان أو القردة يبادلني النظر بمزيج من التهديد و الاستعطاف. يجدر بهم الاتصال بشركة مبيدات لحل هذه المشكلة.
تصميم اللوحة نفسها كان جيداً ، و ألوانها متناسقة و متناقضة مع خلفية الموقع بشكل جميل. و أعتقد أنها مصنوعة من خشب الصنوبر المنيع. و لكن ما تقدمه من قيمة فنية لا يبرر قطع كل هذه المسافة إليها ، و أجزم أن الموقع هو السبب الأول لضعف الإقبال عليها ، لذا أنصح المالك بنقلها إلى بقعة مركزية في مدينة موشي المجاورة لتسهيل الأمر على زبائنه.