
بالأمس احتفلت جامعتي بيوم ميلادها الخامس و الخمسين بعد المائة ، و معها احتفلت معظم معالم مدينة سياتل و صبغت نفسها باللون البنفسجي ، لون الجامعة الرسمي. يبدو الأمر عظيماً على الورق ، أن تحتضن المدينة جامعتها العريقة و تفخر بها ، و لكن الواقع أن الجميع هنا يبحثون عن أي سبب كان للاحتفال ، حتى أن أحد أكبر مباني البلدة يغير ألوانه كل يومين تضامناً مع قضية ما جديدة.
و السيء في الأمر أيضاً أن الأعياد هنا ، رغم كثرتها ، ليست إجازات. و بالتالي قد أغادر يوماً بنفسية عفنة إلى الجامعة متطلعاً للعودة إلى المنزل و إكمال ما تراكم علي من بكاء و زعيق واجب ، ليستوقفني هذا المتظاهر أو تلك سائلاً “ما رأيك بالسياسة” أو حتى “أمهلني لحظة من وقتك لننقذ النحل سوياً فهذا يوم النحل العالمي!” جوابي عادة هو “السياسية كياسة و أنا لم أذق العسل لشهور لذا ليعتني النحل بنفسه كما أعاني بنفسي و الآن دعيني و شأني فأمامي نواح لم أنهه بعد!”
و لكن هذا لا يفيد لأن شاباً متحمساً سيقفز من على شجرة ليصرخ قبل أن يمس الأرض حتى “نواح؟! اليوم يوم الصحة النفسية العالمي لذا دعني أقول أن البكاء حاجة طبيعية للرجال و غيرهم رغم النظرة السلبية للمجتمع لهذا نقيم جلسات بكاء جماعي و فردي أسبوعية كل خميس و أثنين نضمن فيها السرية التامة و يتفهم فيها الكل أحزان البعض بلا…” و يمضي هذا لساعات طوال.
الحل هنا هو المواجهة. – “يتفهم الجميع أحزاني؟ أتعرف الحنيني أو اللبن أو هزيم الرعد أو ميتة ألفريدو و إغلاق الراوي الشامل؟” – “أ… لا” – “إذن فأنت ، أبيت اللعن ، لن تفهم أحزاني!”